قوله عز وجل: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} فيه وجهان:أحدهما: في الرغبة والرهبة، قاله ابن عباس.والثاني: التضرع: التذلل والخضوع، والخفية: إخلاص القلب.ويحتمل أن التضرع بالبدن، والخفية إخلاص القلب.{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} يعني في الدعاء، والاعتداء فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: أن يسأل ما لا يستحقه من منازل الأنبياء، قاله أبو مجلز.والثاني: أنه يدعو باللعنه والهلاك على من لا يستحق، قاله مقاتل.والثالث: أن يرفع صوته بالدعاء، روى أبو عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأشرفوا واد، فجعل الناس يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنفُسكُم إِنَّكُم لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً إِنَّكُم تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً وَهُوَ مَعَكُمْ». قوله عز وجل: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} فيه أربعة أقاويل:أحدها: لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها بالإيمان.والثاني: لا تفسدوها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل.والثالث: لا تفسدوها بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة، قاله الكلبي.والرابع: لا تفسدوها بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه، قاله الحسن.{وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} يحتمل وجهين:أحدهما: خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه.والثاني: خوفاً من الرد وطمعاً في الإجابة.{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} فإن قيل: فلم أسقط الهاء من قريب والرحمة مؤنثة؟فعن ذلك جوابان.أحدهما: أن الرحمة من الله إنعام منه فَذُكِّرَ على المعنى، وهو أن إنعام الله قريب من المحسنين، قاله الأخفش.والثاني: أن المراد به مكان الرحمة، قاله الفراء، كما قال عروة بن حزام:عَشِيَّة لاَ عَفْرَاءَ مِنكِ قَرِيبَةٌ *** فَتَدْنُو ولا عَفْرَاءُ مِنْكِ بَعِيدُفأراد بالبعد مكانها فأسقط الهاء، وأرادها هي بالقريبة فأثبت الهاء.